حيدر الموسوي
تعمل غالبية الدول على تحديث أنظمتها السياسية بعد مرور فترة من الزمن، أكثر من عقدين على عمر النظام السياسي الحالي في العراق والذي تشكل ما بعد التاسع من نيسان عام ٢٠٠٣، له ما له وعليه ما عليه لكنه وصل إلى نهاية المطاف وقد تكون المرحلة المقبلة هي الأخيرة بالنسبة للحرس القديم بحكم التقدم الكبير في السن لبعض الزعامات من الآباء المؤسسين ، عمليا حتى الأجيال الجديدة والأغلبية الصامتة المقاطعة للانتخابات سيما في الدورات الأخيرة ترى أن لا بد من إجراء تغيير على المشهد السياسي ولكن ليس عبر آليات الانقلابات أو تدخل الفواعل الخارجية أو حتى موجات العنف الداخلية والفوضى إنما عبر صناديق الاقتراع من خلال تصدي مجموعات جديدة من النخب الفكرية والسياسية كما عبرت عنها المرجعية الدينية في النجف الأشرف في خضم أحداث تشرين،
و بالفعل حدث وان ولدت بعض الحركات السياسية الجديدة أو ما يطلق عليهم بعنوان المستقلين على الرغم أن مفردة المستقل لاوجود لها في القاموس السياسي حتى المستقل عليه أن يلتحق بمشروع سياسي وإن كان لا يؤمن كليا بأفكار هذا المشروع لان في الأصل في النظام البرلماني هو مجموعة أحزاب تتنافس من أجل تمثيل قواعدها داخل البرلمان وليس أفرادا حيث إن افترضنا لدينا ٣٢٩ نائبا مستقلا كلا له رأي الخاص هذا يعني لن يمر أي قانون ولن تتشكل أي حكومة وهذه نكتة- بطبيعة الحال-
فالأحزاب هي من تشكل النظام السياسي ولا وجود لأي حياة سياسية من دون أحزاب، وبعد ظهور تلك الأحزاب سرعان ما انتهت لأنها ولدت بفعل مرحلة أحداث تشرين ونقمة شعبية ضد الأحزاب التقليدية لكن تلك الحركات التي وصل عدد من أشخاصها إلى البرلمان تبين أن قتالهم ومزاحمتهم للآخرين من أجل مصالحهم الخاصة وليس من أجل الشعارات التي كانوا ينادون بها قبيل ذلك والتي كانوا يوهمون بها الرأي العام، وهنا حينما نتحدث عن البديل عليه أن يعي تجربة الآخرين ووضعها في الحسبان وميزان الربح والخسارة والدعم اللوجستي وقناعات الناس في ذلك
بالنسبة للجغرافية الكوردية من الصعب الحديث عن البديل للحزبين الرئيسين وإن ولدت بعض الحركات الأخرى المتمثلة بالجيل الجديد وغيرها لكنها تبقى غير فاعلة على المستوى الدولي ورمزية البارزاني والطالباني فهذه الأحزاب عائلية الانتقال وأشبه بالملكية ومن الصعب بمكان العمل على إزاحتهم
الجغرافية السنية هي في الأصل مشتتة ومنقسمة على نفسها وقد تكون الحلقة الأضعف بالنسبة لممثلي المكون في الحياة السياسية لما مرت بها تلك الجغرافية من تحولات كثيرة ومتعددة حتى افضت إلى أربعة أطراف رئيسية الحرس القديم الممثل اليوم بعنوان حسم .. وتقدم بقيادة الشاب الحلبوني الذي ما لبث أن يتقهقر مشروعه (الأمة العراقية) والعودة إلى الوراء وعزم بقيادة السامرائي الذي يعتبره البعض حليف الإطار الجديد والسيادة بزعامة الخنجر الذي يعد مثيرا للجدل بسبب انتقادات المرحلة السابقة والانتقال إلى مرحلة جديدة من العمل السياسي والشراكة مع الآخرين وفق منهج جديد ولكن الأخطر بين جميع تلك المشاريع هو صعوبة توحيدها بالرغم من الدعوة الأخيرة
الجغرافية الشيعية التي انبثقت منها معادلة الحاكمية الشيعية والتي لم تعد نفسها قبل عشرين عام التقليديين الدعوة والحكمة والمجلس وبدر هم يحاولون الاستمرار والصمود يضاف لهم حركات أخرى المتمثلة بصادقون والكتائب اللذين بدات تحركاتهم في السنوات الأخيرة ليكونوا في الصدارة بدلا عن الحرس القديم غير ان هناك تحديا اخر أمامهم وهو التيار الوطني الشيعي أو الصدري الذي لديه رمزية وقاعدة جماهيرية كبيرة أيضا
والعلاقة بين الجانبين لم تستقر و تتصدع في كل مرة وقد يعود التيار من عزلته للمشاركة في الانتخابات
الحركات الجديدة في هذه المساحة بعض منها استطاع أن يحصل على مساحة لا بأس بها ولكنها قليلة الخبرة في المناورة والعمل البراغماتي السياسي تمثلها حركات ناشئة تحت عنوان تحالف الأساس بزعامة المندلاوي والآخرين على ما يبدو ما زال مستقبله السياسي يسير بخطوات بطيئة وطبيعي جدا هذا الشيء كونه يتنافس في جغرافية صعبة بحكم الحذر والشعور بعدم الذهاب سريعا في سقف الطموح
إشراقة كانون على الرغم من حصولها على وضع جيد انتخابي غير أنها بعيدة عن المشهد السياسي والإعلامي والميداني
بقي هنا طارئ جديد في المرحلة المقبلة
السوداني الذي بتقديري سيكون وحده في تحالف جديد في محاولة الحصول على رمزية وزعامة بحكم الموقع الحالي وهذه تبقى رهينة مدى مستوى رضا الرأي العام وعن الخطوات التي يمكن أن يقدمها في مشواره في السلطة
الاقليات الأخرى مازالت على وضعها السابق باستثناء التقدم السياسي الذي أحرزته حركة بابليون بقيادة الكلداني والذي أمسى لاعب اساسي ليس فقط عند المكون المسيح بل بالمساحات الاخرى ايضا
أما البديل القادم فالمعلومات تشير إلى وجود حراك من نخب ومجموعات بالتصدي وإنشاء حركات سياسية في أغلبية المدن من أجل المشاركة في الحياة السياسة في محاولة التغيير أو التصحيح لبعض الأمور التي لم تعد تلائم المرحلة القادمة